
أعاد التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران إلى الواجهة مخاوف إغلاق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات الاستراتيجية لنقل الطاقة عالمياً، وذلك بعد تصريحات عضو لجنة الأمن القومي الإيراني، إسماعيل كوثري، حول دراسة طهران لهذا الخيار رداً على الهجمات الإسرائيلية. ورغم أن تحليل شبكة “سي إن بي سي” يشير إلى صعوبة إغلاق المضيق بالكامل، فإن مجرد التهديد بذلك يكفي لإثارة مخاوف من اضطرابات كبرى في أسواق النفط العالمية.
مضيق هرمز: شريان الطاقة العالمي
يُعد هذا المضيق، وفق القانون الدولي، جزءاً من أعالي البحار، مما يضمن حرية الملاحة لجميع السفن. لكن أهميته تكمن في كونه المنفذ البحري الوحيد لدول مثل العراق والكويت وقطر والبحرين، فضلاً عن كونه المعبر الرئيسي لصادرات النفط والغاز الإيرانية. وبحسب الخبير في النقل البحري الدولي الدكتور وسام ناجي، فإن إغلاق المضيق لن يكون عبر قصف المنشآت، بل من خلال عرقلة الملاحة بإغراق سفينة في الممر الضيق (عرضه 50 كم فقط)، مما قد يشل الحركة تماماً.
وتكمن الخطورة في أن نحو 40 مليون برميل من النفط تمر يومياً عبر المضيق، أي ما يعادل ثلث الاستهلاك العالمي. وتعتمد دول الخليج عليه بشكل شبه كلي: السعودية (88% من صادراتها)، العراق (98%)، الإمارات (99%)، بينما تعتمد إيران والكويت وقطر عليه بالكامل. والأخيرة هي أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال عالمياً، مما يزيد من تداعيات أي إغلاق محتمل.
الخاسر الأكبر: الاقتصادات الآسيوية
توجه معظم صادرات النفط الخليجي إلى آسيا، حيث تستورد الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية نحو 80% من إنتاج المنطقة. وفي حال الإغلاق، ستواجه هذه الدول أزمة طاقة حادة، ما سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في الأسعار وتراجع الإنتاج الصناعي. وتُعد الصين الأكثر عرضة للخطر، خاصة مع وجود اتفاقيات نفطية ضخمة مع إيران تصل قيمتها إلى 800 مليار دولار.
المستفيدون: الولايات المتحدة وشركات الطاقة
في المقابل، قد تكون الولايات المتحدة المستفيد الأكبر، حيث تعتمد بشكل متزايد على إنتاجها المحلي من النفط الصخري. وبحسب الدكتور ناجي، فإن ارتفاع الأسعار سيمنح الشركات الأميركية فرصة لتحقيق أرباح قياسية، كما سيعزز موقعها في السوق العالمية.
تأثيرات جانبية: قناة السويس والصراعات الإقليمية
لا تقتصر التداعيات على هرمز، فالتصعيد الحالي قد يؤثر أيضاً على حركة الملاحة في قناة السويس، خاصة مع استمرار هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. ويحذر ناجي من أن تراجع حركة السفن في القناة سيضرب الاقتصاد المصري، الذي يعتمد على إيرادات القناة والسياحة، مما قد يجر البلاد إلى صراع إقليمي أوسع.
إغلاق مضيق هرمز
إغلاق مضيق هرمز لن يكون ضربة للشرق الأوسط فحسب، بل صدمة للاقتصاد العالمي، حيث سيدفع المواطنون في كل مكان ثمن ارتفاع الأسعار، بينما تستفيد جهات محدودة من الأزمة. والواضح أن المنطقة ستظل، كما في السابق، ساحة لصراعات القوى الكبرى، تاركةً شعوبها تتحمل العواقب.