الأردن والسعودية في صراع إيران وإسرائيل
الحياد المُتعذّر: الأردن والسعودية في مواجهة تداعيات الصراع الإيراني الإسرائيلي

أعلنت 21 دولة من الشرق الأوسط وأفريقيا رفضها القاطع للهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، مُحذّرةً من خطر تصعيد قد يُشعل حربًا إقليمية. ومن بين هذه الدول، وقّعت كل من الأردن والسعودية على البيان المشترك، لكنّ هذا لم يمنعهما من اعتراض صواريخ إيرانية عبرت أجوائهما باتجاه إسرائيل. فكيف يُفسَّر هذا التناقض؟ وما هي التحديات التي تواجهها الدولتان جراء هذا الموقف؟
بين الشرعية الشعبية والضغوط الأمنية
في الأردن، حيث يشكّل الفلسطينيون نحو 60% من السكان، يُواجه النظام تحدّيًا كبيرًا في تبرير اعتراض الصواريخ الإيرانية. فالشارع الأردني يتّسم تاريخيًا برفضه لإسرائيل، مما يجعل أي عمل يُنظر إليه على أنه دعمٌ لها مُكلفًا سياسيًا. ولتجاوز هذا الإشكال، ركّزت الحكومة الأردنية على مبدأ “الدفاع عن السيادة الجوية”، مؤكدةً أن اعتراض الصواريخ جاء لحماية الأراضي الأردنية من انتهاكٍ إيراني دون إذنٍ مسبق.
ويُشير الخبراء إلى أن الأردن يسعى جاهدًا لتفادي أي تفسيرٍ يُظهره كحليفٍ لإسرائيل: نحن نحمي حدودنا فقط”، كما يوضح إدموند راتكا من مؤسسة كونراد أديناور.
لكنّ هذا الموقف لا يخلو من تناقضٍ صارخ: فالأردن، رغم تشدّده في مواجهة الانتهاكات الإيرانية، يتغاضى عن تحليق الطائرات الإسرائيلية في أجوائه خلال ضرباتها على إيران. ويُبرّر الخبراء هذا بالتبعية الأمنية والمالية للأردن تجاه الولايات المتحدة، التي تربطها به اتفاقية دفاعٍ منذ 2021.
أما السعودية، فقد اختارت لغةً دبلوماسيةً لاذعةً في البيان المشترك، حيث وصفت إيران بـ”الدولة الشقيقة”، وهي عبارة نادرة الاستخدام من الرياض إلا مع الحلفاء التقليديين. لكنّ الواقع على الأرض يختلف جذريًا: فالسعودية تتعاون بشكلٍ غير معلنٍ مع إسرائيل والولايات المتحدة لمواجهة التهديد الإيراني، سواءً عبر مشاركة بيانات الرادارات أو السماح بعبور الطائرات الإسرائيلية فوق شمال أراضيها.
ويُوضح شتيفان لوكاس، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، أن الرياض “تتسامح مع العمليات الإسرائيلية وتُسهّل مهمة اعتراض الصواريخ الإيرانية”، رغم العلاقات الهشّة التي تجمعها مع طهران بعد التقارب الأخير. فالسعودية، رغم محاولاتها لتحسين العلاقات مع جارتها، تظلّ تعتمد على الحماية الأمريكية في مواجهة أي تهديد إيراني محتمل.
ولكن السعودية تتبع بعيدًا عن هذا الخطاب الرسمي مسارًا مختلفًا تمامًا، كما يقول شتيفان لوكاس: “السعودية تشارك من دون شك بشكل غير رسمي في العمليات ضد إيران”.
ويضاف إلى ذلك أنَّ السعودية تعتمد منذ عقود من الزمن في صراعها مع خصمها اللدود إيران على الحماية العسكرية الأمريكية. وعلى الرغم من تقارب الخصمين، السعودية وإيران في الآونة الأخيرة، إلا أنَّ علاقتهما ما تزال تعتبر هشة. ولذلك على الأرجح أن تعتمد السعودية في الوقت الراهن على الحماية الأمريكية في حالة الشك.