سياج مغلق من جميع الجهات.. كيف حولت الجزائر حدودها إلى سجن كبير؟

في خطوة مفاجئة، أعلن الجيش الموريتاني إغلاق الحدود البرية مع الجزائر بشكل كامل، ليُسدَل الستار بذلك على آخر معبر حدودي رسمي كان يربط الجزائر بجيرانها الأفارقة.

هذا القرار يحمل دلالات استراتيجية وسياسية كبيرة، خاصة أنه يحوّل الجزائر فعلياً إلى “قلعة منغلقة” بعد أن أضحت جميع حدودها البرية إما مغلقة رسمياً، أو مناطق ساخنة بسبب النزاعات المسلحة.

عملياً الجزائر فقدت آخر منفذ بري آمن يربطها بجيرانها الأفارقة، في ظل إغلاق كافة حدودها البرية الأخرى مع الدول المجاورة.

تأتي هذه الخطورة في سياق متصل بإغلاق الحدود الجزائرية مع المغرب منذ عام 1994 بسبب الخلافات السياسية بين البلدين.

كما أن الحدود الجنوبية مع مالي والنيجر تشكل مناطق ساخنة بسبب نشاط الجماعات الإرهـ.ابية، بينما تظل الحدود مع ليبيا وتشاد غير آمنة بسبب الأوضاع الأمنية المضطربة في تلك الدول.

وكان المعبر الحدودي مع موريتانيا يمثل الشريان الأخير للجزائر للتواصل البري مع محيطها الإفريقي. وقد بررت السلطات الموريتانية قرار الإغلاق بضرورات أمنية .

لكن مراقبين يرون أن لهذا القرار أبعاداً سياسية تتجاوز المبررات الأمنية، خاصة في ظل التقارب الموريتاني المغربي الذي تشهد عليه الزيارات الرسمية المتكررة والاتفاقيات الثنائية الموقعة بين البلدين.

هذا الوضع يضع الجزائر أمام تحديات جسيمة على عدة مستويات:

اقتصاديًا: حيث سيؤثر الإغلاق على حركة التجارة البينية والتبادلات التجارية

اجتماعيًا: مع انقطاع الروابط العائلية والقبلية عبر الحدود

استراتيجيًا: في ظل تعزيز العزلة الإقليمية للجزائر

الحدود الجزائرية التونسية تبقى الآن المنفذ البري الوحيد المفتوح، لكنه لا يكفي لتعويض غياب المنافذ الأخرى، خاصة أن طاقة هذا المعبر محدودة ولا يصلح ليكون بديلاً عن كافة المنافذ المغلقة.

يبدو أن الجزائر تواجه معضلة استراتيجية حقيقية تتطلب إعادة النظر في سياساتها الحدودية، خاصة في ظل تصاعد التحديات الأمنية والاقتصادية في المنطقة.